آثار الجزائر ليست مجرد شهود حجرية صامتة, وليست قطعًا من الفسيفساء المتراصة, أو العملات المطمورة, ولكنها رموز لهوية متأصلة, تغرس جذورها في الرمل, وتمتد عبر أحقاب الزمن, فقد عانى هذا البلد على مدى قرن ونصف من الزمن من استعمار فرنسي طاغ, ظل يشكك في هويته, ويحاول طمس قوميته, ويؤكد للعالم في وقاحة منقطعة النظير - كما تفعل إسرائيل اليوم - أن الجزائر ما هي إلا أرض فرنسية ممتد عبر البحار.
وجاءت شواهد الآثار لتؤكد أن هناك شعبا عرف كل طبقات الحضارة البشرية, تراكمت على أرضه, بدءًا من إنسان العصر الحجري, وهو يبحث عن طعامه, إلى ملوك البربر الأسطوريين, ومن قياصرة الرومان, حتى مجيء رايات الفتح الإسلامي, تاريخ ممتد وهوية صلبة ظلت صامتة أمام هذا العته الاستعماري, حتى استعادت الجزائر قوميتها. وكانت الآثار ولا تزال عنوان هذه الهوية القومية.
محاولة طمس الشخصية القومية
وبالرغم من الآثار التي خلفتها الحضارات التي تراكمت على أرض الجزائر, من عصر الإنسان الحجري, إلى ملوك البربر الذين أقاموا أول دولة منظمة في الصحراء, إلى البحارة الفينيقيين الذين تركوا بصماتهم على موانئ المتوسط, إلى سيطرة الرومان أعظم المهندسين الذين عرفهم التاريخ, إلى رايات الفتح الإسلامي التي جاءت لتمزج بين العرب والبربر في عقيدة واحدة, إلى الحكم العثماني الذي جاء منفذًا ليفك الحصار البحري الذي فرضته الأساطيل المسيحية عليها, بعد هذا كله جاء الغزو الفرنسي محاولا أن ينكر تمامًا أي قومية أو هوية خاصة بالجزائر.
لقد كانت القومية الجزائرية أقدم عهدًا من العديد من الدول الأوربية التي لم تعرف القوميات إلا مع بداية القرن التاسع عشر, وهي أيضا قد سبقت الدول العربية التي كانت لاتزال خاضعة للحكم التركي, فقد كانت دولة ذات سيادة منذ أواخر القرن السابع عشر لا تربطها بالدولة العثمانية سوى خيوط من التبعية الاسمية.
وبالرغم من ذلك فقد حاول المؤرخون الفرنسيون نفي وجود هذه القومية كليًا, وحاولت الكاتبة الفرنسية جوان جيسبي الزعم بأن الشعور القومي لم يكن موجودًا ولم تتحدد ملامح الشخصية الوطنية إلا كرد فعل للاحتلال الفرنسي في منتصف القرن العشرين, وحاول الفرنسيون اختزال هذا التاريخ الطويل وتشويهه.
وركزوا فقط على الفترة الرومانية في الجزائر واعتبروا أنفسهم الورثة الحقيقيين لها, أما الوجود الإسلامي الممتد فقد صورته فرنسا على أنه فترات من الصراع والاضطراب بين العرب والبربر, بالتالي فهو لا يعد تاريخًا ملزمًا لهم.
ولا يزال أعداء الوطن يتربصون بنا فزرعوا الفتنة بين الشعب والدولة عن طريق الدين وتربصوا بنا الدوائر ولكن الله عز وجل نجنا بقدرته وعونه فاصبحت الجزائر هادئة مطمئنة مؤمنة واصبح عيشها رغدا والحمد لله رب العالمين.